سلوك طريق التحديث يدا بيد الكلمة الرئيسية في مؤتمر الحوار الرفيع المستوى بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب العالم شي جينبينغ
15 مارس 2023 بكين
قادة الأحزاب السياسية المحترمون،
السيدات والسادة والأصدقاء،
يسعدني بالغ السعادة أن أجتمع معكم لتبادل أطراف الحديث حول الموضوع الرئيسي “طريق التحديث: مسؤولية الأحزاب”.
في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أمضيت سبع سنوات في قرية صغيرة في شمال غرب الصين. كنتُ بصفتي أمينا للفرح الحزبي، أتطلع بشدة إلى أن يعيش القرويون حياة يأكلون فيها اللحوم ويسكون في المباني وتتوفر في منازلهم المصابيح والهواتف الأرضية. وفي وقت لاحق، ذهبت للعمل في المناطق الساحلية جنوب شرق الصين، وزرت العديد من البلدان، حيث أحسست بعمق أن تحقيق التحديث وعيش حياة أفضل هو السعي المشترك لشعوب جميع البلدان.
إن عملية التنمية البشرية مليئة بالتحولات، وعملية استكشاف طريق التحديث في مختلف البلدان هو أيضا معقد وشاق. وتتشابك التحديات والأزمات في العالم اليوم، ويصعب تعافي الاقتصاد العالمي، وتتسع الفجوة التنموية باستمرار، وتتدهور البيئة باطراد، وقد وصلت عملية التحديث البشري إلى مفترق طرق من جديد.
استقطاب أم رخاء مشترك؟ تفوق مادي أم تنمية منسقة للمواد المادية والروحية؟ اسنتزاف الماء في البحيرة لصيد الأسماك أم التعايش بين الإنسان والطبيعة؟ لعبة الصفر أم التعاون والفوز المشترك؟ استنساخ نمط الدول الأخرى أم التنمية المستقلة على أساس ظروفنا الخاصة؟ ما هو نوع التحديث الذي نحتاج إليه؟ كيف يمكن تحقيق التحديث؟ في وجه هذه السلسلة من أسئلة التحديث، تقع على عاتق الأحزاب السياسية، بصفتها قوة مهمة تقود عملية التحديث وتعززها، مسؤولية الإجابة عليها. وبهذه المناسبة، أود أن أشارككم بعض الآراء.
يجب أن نلتزم بمفهوم وضع الشعب في المقام الأول، وأن نبرز طبيعة الشعب كاتجاه التحديث. إن الشعب هو من يصنع التاريخ، وهو الأساس الأكثر صلابة والقوة الأعمق لدفع التحديث. والهدف النهائي للتحديث هو تحقيق التنمية الحرة والشاملة للإنسان. فإن نجاح طريق التحديث من عدمه وسلوكه بشكل ثابت أمر يعتمد على ما إذا كنا نلتزم بوضع الشعب في المقام الأول. والتحديث ليس مؤشرا على الورق، وإنه السعادة والرفاهية للشعب. فيجب على الأحزاب التركيز على تطلع الشعب لحياة أفضل، ويستجيب لآماله للتقدم الحضاري، والعمل على تحقيق الثراء المادي والنزاهة السياسية والثراء الروحي والوئام الاجتماعي والبيئة الجميلة، بحيث يمكن للتحديث أن يستجيب بشكل أفضل لمطالب الشعب واحتياجاتهم على مستويات مختلفة وفي مجالات مختلفة، والذي لا يعزز رفاهية الناس المعاصرين فحسب، بل يحمي أيضًا حقوق ومصالح الأجيال القادمة، ويعزز التنمية المستدامة للمجتمع البشري.
يجب أن نتمسك بمبدأ الاستقلال ونستكشف طريق التحديث بمختلف الأشكال. إن التحديث ليس حصرا لعدد قليل من البلدان، ولا مسألة لها إجابة وحيدة، فلا يمكن فرض نمط معين على كل البلدان وممارسة النسخ واللصق بشكل تعسفي. فيجب على دولة احترام القانون العام للتحديث في الطريق إلى التحديث، أهم من ذلك يجب الانطلاق من واقعها وخصائصها. وأي نوع من التحديث هو الأنسب في الدولة، فإن شعبها هو أكثر من يعرف ذلك. فالدول النامية تمتلك الحق والقدرة لاستكشاف طريق التحديث ذي خصائص مختلف بناء على واقعها الخاص. ويجب وضع تنمية الدولة والأمة على أساس القوة الخاصة، وإمساك ومصير التنمية والتقدم في البلاد في اليدين بقوة، واحترام ودعم الاختيار المستقل لمسار التنمية لشعوب البلدان، بما يرسم صورة جديدة عالمية للتحديث الذي تتفتح فيه مائة زهرة.
يجب علينا تكريس التقاليد الحميدة والقيام بالأعمال المبتكرة، والمحافظة على استمرارية مسيرة التحديث.بوجه الإشكاليات والظروف والتحديات الجديدة التي حدثت في مسيرة التحديث، على الأحزاب السياسية تحمل مسؤوليتها والتصرف بجرأة، وكسر القيود الفكرية والعقائدية، والتخلص من العيوب المؤسساتية، واستكشاف كيفية تحسين الأساليب، والعمل على تحقيق الاختراقات والابتكارات نظريا وعمليا باستمرار، بما يضخ بحيوية مستمرة لا تنقطع لمسيرة التحديث. وعلينا العمل يدا بيد على دفع إصلاح وبناء منظومة الحوكمة العالمية، ودفع النظام الدولي نحو اتجاه أكثر عدلا ومعقولا، والمضي قدما بالقضية العظيمة للتحديث للمجتمع البشري تمشيا مع بذل جهود لتعزيز العدالة والإنصاف من حيث الحقوق والفرص والقواعد.
يجب علينا تكريس روح إنجاح الآخرين بالتزامن مع إنجاح الذات، وجعل نتائج التحديث أكثر شمولا.يعيش الإنسان في مجتمع مستقبل مشترك مشاركا في السراء والضراء. على كل دولة تسعى إلى التحديث أن تتبنى رؤية التضامن والتعاون والتنمية المشتركة وأن تسلك طريق التشارك والتقاسم والكسب المشترك. على الدول التي تتقدم في هذه المسيرة تقديم مساعدة مخلصة للدول الأخرى على تحقيق التنمية. إطفاء أضواء الآخرين لا يجعلك أكثر تألقا، ومنع الآخرين من السير على طريقهم لا يساعدك على السير لمسافة أطول. علينا التمسك بتقاسم الفرص والعمل معا لخلق المستقبل، وتوسيع حجم التحديث للمجتمع البشري، وتمكين شعوب دول العالم من الاستفادة من نتائج التحديث وبصورة أكثر إنصافا، ورفض بشكل قاطع حماية الامتياز في التنمية لدولة ما عن طريق اضطهاد واحتواء الدول الأخري.
يجب علينا المحافظة على المعنوية والاستمرار في الكفاح، وضمان وجود قيادة حازمة لمسيرة التحديث. التحديث ليس هبة من السماء لا يتحقق إلا بتكريس روح المبادرة. الأحزاب السياسية بصفتها الجهة القائدة لقضية التحديث ترتبط قيمها وعقائدها ومستواها للقيادة وقدرتها على الحوكمة وحالتها المعنوية وإرادتها مباشرةً بالاتجاه الأساسي للتحديث ومصيره. الرجل القوي هو الذي ينتصر على نفسه. علينا المواءمة بين البناء الحزبي وبناء التحديث للدولة بشكل وثيق والعمل بمعنوية وإرادة قوية والتقدم إلى الأمام بجرأة وصلابة نحو التفوق على النفس، بما يضمن أن تكون لدى الحزب دائما الثقة والإرادة والقدرة على مواجهة التحديات في عصرنا وتقديم جواب ملائم للسؤال المطروح من العصر وتلبية تطلعات الشعب، سعيا إلى إضاءة الاتجاه وحشد القوى لدفع مسيرة التحديث.
السيدات والسادة والأصدقاء،
تحقيق التحديث حلم ظل يكافح الشعب الصيني من أجله منذ العصر الحديث. على مدار 100 سنة، اتحد الحزب الشيوعي الصيني مع الشعب الصيني وقاده للسعي وراء النهضة العظيمة للأمة الصينية، وتعد هذه المسيرة تاريخا للاستكشاف المستمر لطريق التحديث. ونجحنا في سلك طريق التحديث الصيني النمط، بعد الجهود المضنية جيلا بعد جيل.
أشار المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني إلى ضرورة دفع النهضة العظيمية للأمة الصينية على نحو شامل عن طريق التحديث الصيني النمط. التحديث الصيني النمط هو تحديث يغطي حجما سكانيا هائلا وتحديث يتمتع فيه أبناء الشعب كافة برخاء مشترك، وتحديث يحقق التوافق بين الحضارتين المادية والمعنوية، وتحديث يتعايش فيه الإنسان والطبيعة بانسجام، وتحديث يسلك طريق التنمية السلمية.، وهو تحديث يبني على أساس الظروف الوطنية ويستفيد من تجارب الدول، وهو تحديث يريث الثقافة التقليدية وينسجم مع الثقافة العصرية، وتحديث يخدم الشعب الصيني ويساهم في التنمية المشتركة للعالم. والتحديث الصيني النمط طريق صالح لبناء الصين لتصبح دولة قوية وتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية وهو طريق لا بد أن تمر به الصين للمساهمة في تقدم البشرية والوئام في العالم سنواصل ربط مصيرنا بمصير شعوب دول العالم بشكل وطيد، ونسعى إلى تقديم فرص جديدة لتنمية العالم بإنجازات جديدة للتحديث الصيني النمط، بما يقدم قوة دافعة جديدة لجهود البشرية لاستكشاف طرق التحديث، ويقدم مساهمات جديدة في إبداع النظريات والممارسات للتحديث في العالم.
سيعمل الحزب الشيوعي الصيني على دفع التنمية العالية الجودة، وتعزيز التنمية والازدهار العالميين. سنعمل على تسريع بناء النمط الجديد للتنمية، ومواصلة توسيع الانفتاح العالي المستوى وتوسيع نطاق النفاذ إلى السوق وفتح باب الانفتاح على الخارج أوسع فأوسع. وسنقدم للعالم مزيدا من منتجات من “صناعة الصين” و”ابتكار الصين” بجودة أعلى، ونعرض للعالم سوقا صينيا أكبر وحاجات صينية أكبرمع التقدم المستمر الذي يشهده بناء منظومة صناعية حديثة للصين. سندعم ونساعد بحزم الدول النامية على تسريع عجلة التنمية وتحقيق التصنيع والتحديث، بما يساهم بحلول الصين وقوة الصين في تقليص الفجوة بين الشمال والجنوب، وتحقيق التنمية المشتركة. نحرص على العمل مع أحزاب العالم لدفع التعاون في إطار الحزام والطريق لتحقيق تطور عالي الجودة، وتسريع ترجمة مبادرة التنمية العالمية على الأرض، وتربية طاقة جديدة للتنمية العالمية، وبناء مجتمع تنمية مشترك عالمي
سيعمل الحزب الشيوعي الصيني على حماية العدالة والإنصاف الدوليين، والدفع بالسلام والاستقرار العالميين. لا يقوم التحديث الصيني النمط على طريق الاستعمار والنهب القديم، ولا الطريق المنحرف المتمثل في الدولة القوية تسعى إلى الهيمنة، بل على طريق التنمية السلمية المستقيم. ونناشد إلى تسوية الخلافات عبر الحوار، وفض النزاعات عبر التعاون، ونرفض رفضا قاطعا الهيمنة وسياسة القوة بكل أشكالها، وندعو إلى مواجهة التحديات الأمنية المعقدة والمتشابكة من خلال روح التضامن وعقلية الفوز المشترك، من أجل تهيئة معادلة أمنية تتسم بالإنصاف والعدالة والتشارك والتقاسم. ولا تحتاج العالم إلى “الحرب الباردة الجديدة”، ولا يتحمل معاناة الحرب الباردة الجديدة، والتحريض على الانقسام والمواجهة تحت ستار الديمقراطية ليس سوى تدوسا على روح الديمقراطية، ولا يمثل إرادة الشعوب، وسيلحق أضرارا متكررة. إن تحقيق الصين التحديث بمثابة نمو لقوى السلام العالمي، وزيادة لقوى العدالة الدولية، ومهما تطورت الصين إلى أي مستوى، لن تسعى أبدا وراء الهيمنة والتوسع.
سيعمل الحزب الشيوعي الصيني على دعم التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، والدفع بتقدم الحضارة البشرية. إن طرق التحديث المتميزة لمختلف الدول والمناطق اليوم متجذرة في التوريث الحضاري المتنوع والعريق. وإن كل الحضارات التي خلقها المجتمع الدولي تتألق بأضواء متنوع، وتراكم الأرصدة العميقة وتعطي الخصائص المتميزة لمختلف الدول من أجل تحقيق التحديث، وتتجاوز الزمان والمكان والحدود، مما يقدم مساهمة هامة في عملية التحديث العالمي بشكل مشترك. إن التحديث الصيني النمط باعتباره شكلا جديدا من الحضارة البشرية، سيستفيد من بعضه البعض من الحضارات العالمية الاخرى، بما ينوع بصورة أكبر حديقة الحضارات البشرية.
السيدات والسادة والأصدقاء،
إن الزهرة الواحدة لا تعني الربيع، مائة زهرة تجلب الربيع إلى الحديقة. اليوم، يترابط مصير مختلف الدول ترابطا وثيقا، حيث تتعايش مختلف الحضارات وتستفيد من بعضها البعض، الأمر الذي يلعب دورا لا بديل لج في الدفع بعملية التحديث العالمي وتنويع حديقة الحضارات البشرية. ويسرني أن أطرح مبادرة الحضارة العالمية:
— يجب علينا الدعوة إلى إحترام التنوع الحضاري العالمي بصورة مشتركة، والتمسك بالمساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والتسامح بين الحضارات، والدعوة إلى التواصل بين الحضارات بدلا من القطيعة بينها، والاستفادة المتبادلة بدلا من الصراعات، والتسامح بدلا من الشعور بالاستعلاء.
— يجب علينا إلى إعلاء القيم المشتركة للبشرية بصورة مشتركة، وتفهم معرفة مختلف الحضارات بالقيم بعقلية منفتحة، وعدم فرض قيم وأنماط أنفسنا على الآخرين، وعدم اللجوء إلى المجابهة الأيدولويوجية.
— يجب علينا الدعوة إلى الابتكار والتوارث في الحضارات بصورة مشتركة، والاستفادة القصوى من القيم العصرية لتاريخها وثقافاتها، والدفع بالثقافات التقليدية الممتازة لمختلف الدول أن تلعب دورا في التحول الحلاق والتنمية المبتكرة لعمليات تحديث الدول.
— يجب علينا الدعوة إلى تعزيز التواصل والتعاون الثقافي الدولي بصورة مشتركة، ودراسة إمكانية إنشاء شبكة الحوار والتعاون بين الحضارات العالمية، وإثراء محتويات التواصل، وتوسيع قنوات التعاون، بما يعزز التفاهم والتعارف بين شعوب العالم ويدفع بتقدم الحضارة البشرية سويا.
سيقيم الجانب الصيني مؤتمر الحوار بين الحضارات العالمية في وقت مناسب. ونحرص على العمل مع المجتمع الدولي على فتح معادلة جديدة تشهد تبادلا إنسانيا وترابطا ثقافيا وتواصلا شعبيا مكثفا، حتى نجعل حديقة الحضارات العالمية مفعمة بألوان مختلفة وحيوية قوية.
إن الحزب الشيوعي الصيني مستعد لتعزيز التواصل والتعاون مع مختلف الأحزاب السياسية، حتى نسير على طريق مستقيم في العالم سويا. ونحرص على تعميق التبادل والتواصل مع الأحزاب والمنظمات السياسية من مختلف الدول، وتوسيع نقاط تلاقي الرؤى والمصالح، بما يبنى العلاقات الدولية من النمط الجديد من خلال بناء العلاقات بين الأحزاب من النمط الجديد، يوسع ويعمق علاقات الشراكة العالمية من خلال توطيد واستكمال علاقات شراكة الأحزاب العالمية. ويحرص الحزب الشيوعي الصيني على مواصلة العمل مع الأحزاب والمنظمات السياسية من مختلف الدول على التبادل بشأن تجربة إدارة الحزب وحكم الدولة، والسير يدا بيد على طريق نحو التحديث، والمضي قدما في بولفار بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
السيدات والسادة والأصدقاء
في مسيرة البشر إلى تحقيق التحديث لا مفر من المشقات، ولكن في نهاية المطاف المستقبل مشرق. ويحرص الحزب الشيوعي الصيني على بذل جهود مشتركة مع جميع الأطراف، لنجعل تجاربنا المتميزة لتحقيق التحديث تصبح تيارات عصرية جارفة لازدهار وتقدم العالم، ونجعل حضارة التحديث البشري أن تتقدم إلى الأمام وتنمو بشكل مستدام!